Saturday, August 10, 2013

الامل حلم ليس أكثر

عزيزي نيسان

أكتب لك اليوم وأنا أختنق بالحروف التي تصيغ هذه الرسالة، لم تعد تراودني تلك الرغبة الجامحة في الكتابة، ولم أعد أمتلك ما يكفي من القوة للبوح دون الانخراط في مزيج من البكاء والحزن، لست تعيسة كما يبدو لك ولكني تعبت من محاولات أن لا أصل إلى التعاسة. فيما مضى كنت  فتاة كئيبة متشائمة، تتقزز من الأمل، ولربما تحتقر المتفائلين، ترى أن الحياة انتهت، وأن لا جدوى من ادعاء السعادة أو محاولة الوصول إليها. لا أدري أيُّ مسٍّ أصابني فتغيرتُّ بالرغم من أن كل شيء  حولي أصبح أسوأ، لن أقول أنني اصبحت سعيدة أنشر الابتسامات وأزرع الأمل، إلا أنني وبدون شك غدوت فتاة حالمة! 

ياه ما الذي يمكن لفتاة تمتلك حلماً، وتدرك أنها تمتلكه أن تفعل. لا بد أن بمقدورها تغيير العالم من حولها! وأنا لا خيار لي..  إن مات الحلم سأموت معه، سأغادر هذه العلم المجحف، فلا حياة فيه بدون أمل، والأمل حلم ليس أكثر.

لا أتكلم عن الأحلام البلهاء التي تبيعها لنا وسائل الإعلام المزركشة، لا أتكلم عن أحلام الفتيات في قصص الحب ومغامرات الغرام، لا أتخيل شاباً وسيماً وفستاناً أبيضاً، والكثير من الورود الحمراء المبعثرة حول بعض الشموع. ما أتكلم عنه  يا نيسان هو حياة وكثير من التفاصيل الصغيرة التي تشكلها، ما يجول بخاطري الآن لا يمكن تدوينه، لا يمكنني اختزاله ببعض الكلمات أو حتى بالكثير منها. لم أبنِ أحلامي هنالك فوق غيمات السماء التي لا بد وأن تبعثرها الرياح، لم أهرب من الواقع ولم أنفصل عنه، ولكني وجدت لنفسي حلماً أعرف أن تحقيقه صعب، أعلم جيداً أنني سأبكي كثيراً بسببه، أن الكثير من الوجع سيرافقني؛ ولكن إن كان لا بد من أن نستمر على هذا الكوكب المقيت فيجب على كل واحد منا أن يجد حلمه الذي سيوصله بالنهاية إلى نفسه.


قالت لي ان بيتنا في تونس سيشبه هذا البيت!ابتسمت، تخيلت البيت ونوافذه، غرفتي المليئة بالكتب وقصاصات الورق المبعثرة، رأيت الطريق الضيق الذي يوصلنا للبيت، رأيت السماء تحتضن القمر الذي طالما حلمت به، رأيتنا نخرج صباحاً من المنزل تصرخ إحدانا على الأخرى لإاننا تأخرنا، رأيتنا نعود للبيت تسبقنا ضحكاتنا وخطواتنا الفرحة، رأيت الحزن والفرح، رأيت النجاحات وبعض الاخفاقات، رأيتني أعيش الجنون بحب لا مثيل له. وها أنا عدت من بيتنا في تونس.. من شاشة الكومبيوتر.. من الصورة التي أرسلَتها صديقتي مبتسمة "بيتنا في تونس رح يشبه هاد :)"، عدت لأكمل الرسالة ولكن الحلم رافقني اليك.

لا أدري يا نيسان أي أمل يمكنه أن ينتشلنا من عمق الوجع، لا أدري أي حلم يمكنه أن يحملنا إلى أنفسنا، ولكن الكثير من الوجع لن يمنعني من أن أحتفظ بالكثير من الابتسامات لي ولمن حولي، الكثير من الوجع يعني أننا ما زلنا على قيد الحياة، ويعني أن الحلم وطن وحياة والكثير من التفاصيل الصغيرة التي تشكلهما.

صديقتك الحالمة.

No comments:

Post a Comment