نيسان ، لنودع العام سوياً
انتهى العام الذي بدأته باقبال على الحياة وشغف للمضي قدما، انتهى العام الذي بدأته بنخب البدايات التي تدوم وتترك أثر الطيف الملون اذا انتهت. انتهى العام الذي كنت أعتقد أن روحي ستولد فيه من جديد. انتهى العام وانتهت معه كثير من التفاصيل الحميمية، أو لعلها ماتت. انتهى العام الذي جئتَ فيه إلي، ورحلتَ فيه عني، فذهبت أنا إليك يا نيسان. انتهى العام الذي عرفت فيه كيف يكون وقع الانكسارات المتتالية، كيف تقع وأنت لازلت تحاول الوقوف، كيف تحمل الوجع وترحل معه من عالم إلى عالم وأنت لازلت في عالمك الذي لفظك خارجه.
كتبت هذه الرسالة عدة مرات، وفي كل مرة كنت أفشل في قول ما يليق بوداع سنة كاملة من حياتي. بدل أن أكتب لك عما حققته في هذا العام وعما فشلت في الوصول إليه، بدل أن أخط لك انجازاتي واخفاقاتي، كنت أُغرقك في سطور من الاحباط، وأغرق نفسي بأكوام من التعاسة استحضرت ما يكفي منها في محاولات الكتابة الفاشلة. توقفت عن الكتابة ليومين أو أكثر، ورحت استحضر العام كاملاً فلم تحضرني إلا التفاصيل الحزينة والمؤلمة، كانت ابتسامات العام المبهجة تنكسر سريعا أمام الغصات التي حفرت القلب وأدمته.
في الحقيقة أنا لم أعتد على أن أبداً شيئا بهذه البهجة، ولكنني قررت أن أبدأ عامي بأن أرى الطريق أمامي يتسع، والحلم مني يقترب. لعلني كنت متحمسة لانني سأنهي دراستي الجامعية. تخيلت حينها أن العالم سيكون بانتظاري حاملاً مفاجأته السارة التي لا بد أنني أستحقها، ومخبئاً بعض الاخفاقات التي لابد وأن ترافق أي كائن بشري لديه حلم يسعى للوصول إليه.
انتهى العام ويبدو أنني لست قوية بما يكفي لاستيعاب رحيله، يصعب على أن أودع شيء لم أنتهي منه بعد، كيف سأبدأ عامي الجديد وأنا أحمل أثقال العام الذي مضى، كيف لي أن أحلم بالبدايات الجديدة وأنا لازلت عالقة بما بدأته ولم أكمله بعد.
بدأت هذا العام وأنا أنظر إلى قصاصة ورق صغيرة كنت قد كتبتها في وقت متأخر من نهار يوم 31-12-2012، تحتوي على ما أريد أن أفعله في عامي الجديد، ولأجلها كان صباحي مليئاً بالضحكات. أنظر إليها اليوم ولا أدري كم كنت موفقة في تحقيق بعض مما كتب فيها، وهل أستحق اللوم على عدم تحقيق ما تبقى. من يحمل معي عبئ انكسارتي التي تبدأ من هذه الورقة وتنتهي فيها. أكتب لك وأنا أنظر إلى سذاجة أمنياتي، لم أطلب من الحياة كثيرا، لم أرهق الليل بأحلامي، كل ما كتبته في تلك الورقة كان سيحصل لو لم أسقط أنا خيبة، ولو لم تصفعني تفاصيل الحياة على وجهي مراراً.
لم يكن العام خرافيا، لم تحدث فيه المعجزات التي انتظرتها، بقيت طوال العام انتظر رسائل لم تصل وزائراً لم يأتي. ولكني كنت أقول لنفسي دائماً "بعض من الأمل قد يأتي متأخرا". أعلم أنني محاطة بأناس رائعين، أعلم جيدا أن عامي هذا كان سيكون حالك الظلمة لولاهم، ويجب أن تعلم أنهم ينيرون زوايا قلبي، ويملئون فضائات روحي الفارغة. ومن المخجل جداً أن أشعر رغم وجودهم أنني وحيدة للحد الذي تبدو فيه فكرة الوحدة مرعبة. لا أدري ما السبب في هذا، ولكني في بعض الأحيان أرحل مع الحزن بعيدا، بعيداً جدا، ولا أدري كيف أعود. عندها أشعر بداخلي كساحة المعركة بعد أن انتهائها، حطام وليس أكثر من حطام. ولكني في كل مرة أستجمع نفسي، وأنفض الغبار عن روحي المنهكة، أشعل ما تبقى من الأمل، أصنع الابتسامات.. وأمضي.
رافقتني الكثير من الأوهام هذا العام، بسذاجتي صدقت أنها يمكن أن تغدو حقيقة في أي لحظة، ولكنها بقيت كما هي مجرد خيالات وانفعالات لفتاة ظنت أن الأشياء يمكن أن تتبدل فقط لانها أرادت ذلك. وهم أني امتلكت قدراً لم أمتلكه يوماً من الحرية، قدراً بسيطاً يكفي فقط لأعيش نهاراً واحداً بالشكل الذي أريد. وهمُ أن أجلس أمام أفق المدينة لحظة الغروب فيبدو لي وكأن البحرأقبل باسماً ليلقي التحية على أفكاري التي خرجت من رأسي قليلاً لترتاح. وهمُ أن الحب قد يسبق الحرب هذه المرة فيضيء في القلب نوراً ليدفئه. وأخيرا "أنت، نيسان"
بقي أن أحدثك عن الشيء الوحيد الذي سأحمله بفرح معي إلى العام الجديد، مجموعة من الفتيات اللواتي أنهكهن الحلم مثلي تماماً، كل واحدة فيهن لا تريد سوا أن تعيش الحياة بما يليق بجنونها. في البداية لم أعتقد أن وجودهن سيشكل هذا الفرق، إلا أنني بت متأكدة أننا نخبئ للقدر الكثير من المفاجآت. ستمضي كل واحدة منا في طريقها الوعر، ستمحو أثر الخيبات التي أغرقتها بها معارك الآخرين، وستخوض معاركها الخاصة. ستصنع لحياتها تفاصيلها الخاصة، سيكون الحزن حزنها الذي اختارته لنفسها، وسعادتها هي السعادة التي صنعتها بنفسها.
رافقتني الكثير من الأوهام هذا العام، بسذاجتي صدقت أنها يمكن أن تغدو حقيقة في أي لحظة، ولكنها بقيت كما هي مجرد خيالات وانفعالات لفتاة ظنت أن الأشياء يمكن أن تتبدل فقط لانها أرادت ذلك. وهم أني امتلكت قدراً لم أمتلكه يوماً من الحرية، قدراً بسيطاً يكفي فقط لأعيش نهاراً واحداً بالشكل الذي أريد. وهمُ أن أجلس أمام أفق المدينة لحظة الغروب فيبدو لي وكأن البحرأقبل باسماً ليلقي التحية على أفكاري التي خرجت من رأسي قليلاً لترتاح. وهمُ أن الحب قد يسبق الحرب هذه المرة فيضيء في القلب نوراً ليدفئه. وأخيرا "أنت، نيسان"
بقي أن أحدثك عن الشيء الوحيد الذي سأحمله بفرح معي إلى العام الجديد، مجموعة من الفتيات اللواتي أنهكهن الحلم مثلي تماماً، كل واحدة فيهن لا تريد سوا أن تعيش الحياة بما يليق بجنونها. في البداية لم أعتقد أن وجودهن سيشكل هذا الفرق، إلا أنني بت متأكدة أننا نخبئ للقدر الكثير من المفاجآت. ستمضي كل واحدة منا في طريقها الوعر، ستمحو أثر الخيبات التي أغرقتها بها معارك الآخرين، وستخوض معاركها الخاصة. ستصنع لحياتها تفاصيلها الخاصة، سيكون الحزن حزنها الذي اختارته لنفسها، وسعادتها هي السعادة التي صنعتها بنفسها.
لم أشأ أن أنهي الرسالة بهذه الطريقة، ظللت أنتظر لآخر يوم في العام لعل شيء ما يحدث، لعل شيئاً مما انتظرته يأتي، ولكن كل شيء بقي على حاله. أودع العام وأنا أكثر انكساراً من أي وقت مضى، أودعه بعد أن أصبحت بشعر قصير لا يشبه حلمي، أودعه متعبة بعد أن أنهكتُ نفسي وأنا أحاول أن أكتبه لك بتعاسة أقل من هذه، أودعه والشيء الوحيد الذي أنتظره في العام الجديد هو أنت!
صديقتك، من ليس لها سواك
No comments:
Post a Comment