الغائب نيسان..
الوقت لا يمر بسرعة أبداً،
بل نحن اللذين نهرول مسرعين عن اللحظات التي نعيشها، ونختصر تفاصيل الحياة الجميلة
والمؤلمة ونتجاوز الأمور الصغيرة التي تعطي معنى لكل ما يحصل معنا، فيبدو لنا حينها
أن الأيام تجري وتمر بنا دون أن تلقي التحية وتتركنا دون أن تودعنا.
كيف يمر الوقت على الأسرى المضربين عن الطعام؟
وما هي التفاصيل التي تخيط أيامهم؟ ماذا هنالك غير الجوع والتعب؟ وهل هنالك فعلاً شعور
بالجوع والتعب دون غيرهما؟ هل تتوقف كل اللحظات عند لحظة شعورهم بالتحدي فتمضي الأيام
حولهم وهم لا يزالون هنالك محاطون بصمودهم، ونحن لا نزال هنا مكفنين بصمتنا
لم أقل لك يا نيسان أننا قررنا أن نخرج
عن صمتنا بشكل مفاجئ، لا أدري ما الذي حصل وماذا كنا ننتظر وما الذي دفع الجموع لأن
تنتفض، ولكنها انتفضت وقررت بأن اليوم الجمعة هو "جمعة كسر الصمت". وكلٌ
قد كسر صمته بطريقته، فهنالك من خرج اليوم ليبني لنفسه "صومعة" جديدة وعاد
إليها، وهنالك من خرج اليوم ليعود بضمير خالٍ من الصراخ الذي لا بد أنه دام مئتي يوم
أو أكثر، وهنالك من خرج ليقول لنا أن حلم الأسرى بالحرية سيتحقق وأنه بعصا سحرية لا
يمتلكها سيحققه لهم
ولإنهم اليوم موضوع كل شيء قلت لنفسي لماذا
لا أخبرك عنهم! أغضبني التخاذل للحد الذي بت أستهجن فيه هبّة الجماهير، فلماذ الآن
وماذا كنتم تنتظرون؟ هنالك من لم يعرف الصمت أبداً منذ آخر إضراب عن الطعام خاضه أسرانا
في سجون الاحتلال؛ فظل يبعثر الهدوء الذي منحه الآخرون "منا" للعدو الذي
أجبر سامر وأيمن ورففاقهما على خوض معركة كاللتي يخوضونها اليوم. وهنالك من يحلو له
صمتنا فيعزف على وقعه أغنية لحملته الانتخابية فكما تعلم أن انتخابات (إعادة توزيع
ما تبقى من الوطن) قد اقتربت. هنالك من يجمع الناس للصلاة في مكان عام لإلقاء الخطب
والكلمات والإستماع إلى وعود من لا يمتلكون تحيق الوعود، وهنالك من قرر أن يصرخ اليوم
بصوت أعلى من على منبر الجمعة ولن أقول لعل صوته يفعل شيئا فهو بالتأكد لن يفعل، وهنالك
من لم يرضى بأقل من المواجهة، وشبابنا أمام سجن عوفر وفي نقاط التماس الأخرى كفو ووفو
وما قصرو