Thursday, February 12, 2015

متأخرة بخطوة واحدة

نيسان،

ينقصني الشغف
ينقصني الشغف في كل شيء،

هل سبق وأن شعرت بأنك متأخر في كل شيء، متأخر بخطوة واحدة فقط، متأخر عن الحب بخطوة واحدة، متأخرعن الفرح بخطوة واحدة، متأخر عن الحزن بخطوة واحدة، متأخر عن حياة من تعرفهم بخطوة واحدة، متأخر حتى عن نفسك!
أنا هكذا يا نيسان دائما متأخرة بخطوة واحدة، متأخرة عن كل شيء، أصل متحمسة عندما يكون الآخرون قد بدأوا يشعرون بالملل، أصبح جزء من القصص المثيرة عندما تقترب نهايتها، أعرف البهجة بعد أن تشيخ وتخفت أضوائها، أزور الحزن في روحي لأواسيه وهو يحتضر.

في بداية هذا العام قررت أن أبدأ بكتابة يومياتي، كنت جادة بهذا القرار، ولكني لم أكتب أي شيء، لم يحدث ما يستحق الكتابة، كان هذا حتى ليلة أمس عندما نهضت مذعورة من فراشي ولم أستطع النوم، نبضي كان سريعاً وأنفاسي متلاحقة حاولت أن أشرب قليلاً من الماء لأهدأ ولكن ذلك لم ينفع، أشعلت الضوء الصغير بجانبي ونهضت من سريري ولا أدري كيف أحضرت دفتري وقلما كان بجانبي وبدأت بالكتابة .. وكان أول ما كتبته: "أعتقد أن روحي تحترق..!"
أفرغت ذعري في صفحتين، أغلقت دفتري، أعدته إلى مكانه، عدت إلى سريري، وظللت فيه حتى الصباح، لم أنم للحظة واحدة، ولكني لم أنهض منه ولم أفعل أي شيء!
أتظن أني أصبحت أخشى الكتابة؟ أم أني لم أعد قادرة على مواجهة مخاوفي؟ لو أنك تكتب لي مرة واحدة بعد، لربما سأواجه مخاوفي لأصل إليك، ولربما سأتوقف عن الكتابة وأمزق أنصاف الرسائل التي أكتبها ولا أكملها ولا أرسلها. أكتب لي يا نيسان، أكتب لي وأخبرني أنك لا تقرأ رسائلي أبداً، وأنها لا زالت مغلقة، وأن طبقة كثيفة من الغبار تغطيها. أكتب لي لتطلب مني بنبرة قاسية جافة أن أتوقف عن الكتابة إليك، أن أتوقف عن إرسال الرسائل عبثا. أكتب لي لتخبرني أنك تشتاق لي، وأن لا كلمة مما أكتب سترد إليك روحك، وأنك لن ترضى أن تلتقي بي بين سطور الكلمات التي أرسلها.

ولكنك لم ترحل!
ماذا يعني أن يخرج لي وجهك في فنجان القهوة، نعم كنت أنت كان وجهك ينظر إلي، كانت شامتك، وعيناك، ظننت أنني أتخيل وجهك في فنجاني بادئ الأمر ولكن صديقتي ضحكت عاليا وهي تنظر وقالت: "ها انظري انه وجه شاب في فنجانك! هااا عريس حتما إنه عريس". ابتسمت، أظنني ابتسمت لك، أأذهب بفنجاني إلى عرافة ما وأقول لها أخبريني ماذا ترين؟! ولكن لماذا أذهب؟ كنت أنت في فنجاني وهذا لا يحتاج إلى تفسير، لا أحتاج لأحد ليخبرني بأني أهرب منك وأنك تلاحقني، لا يمكن لأحد أن يخبرني أنني احتسيتك شوقا ذات مساء فخرج لي وجهك في فنجان القهوة.

كل شيء يحدث بسرعة، ما يشغلنا اليوم ننساه غداً فهنالك أمرٌ آخر لا يقل عنه شئناً أصبح يحتل أحاديثنا الصباحية، ونقاشاتنا على طاولة الغداء، وحتى مواضيع النكات والسخرية مع أصدقائنا. ما نراه اليوم حدثاً جللاً  يصبح أمراً عادياً مقارنة بما يحدث في اليوم اللاحق، لم يعد بنا طاقة أو حتى مزاج لندخل في نقاشات طويلة حول أي موضوع كان. لذلك ربما لم أعد أعلق لك في رسائلي على ما يحصل من قضايا وأحداث كما كنت أفعل سابقاً، ولربما أنا فقط أبرر لنفسي غيابي وعدم اكتراثي وعجزي عن الكتابة، ولربما في كل مرة أكتب لك حول قضية أو فاجعة سياسية ما أقول لنفسي "شو بدك بوجع هالقلب" وأتراجع عن الكتابة إليك، أعود بأوراقي إلى مكانها وأنسى أني كتبت رسالة لم تنتهِ بعد.

نيسان لا أريد أن أفقد شغف الكتابة إليك ولا أدري كيف أفعل هذا!
عد أو ارسل لي طيفك