Tuesday, September 3, 2013

وداعاً نيسان

نيسان، أكتب لك للمرة الأخيرة، موقنة أن سماءً ما ستجمعنا..

كنت أعتقد أن الزمن كفيل بخلق الفتاة القوية داخلي، واخراجها للعالم كالمارد لا تأبه شيئا، كنت أظن أن المزيد من التجارب ستجعلني أكثر صلابة، إلا أنني لا زلت هشة، أبكي لنفس الأسباب الموجعة التي تتكرر بسذاجة. جرحي لم يلتئم، بل أصبح عميقاً إلى الحد الذي استحال معه الشفاء، ومع كل محاولة فاشلة أعود إلى القاع، أَعُدُّ كم من الأشياء هوت معي، تلك الابتسامات الصغيرة التي لازلت اخبئها أصبحت تهوي أيضاً.

وداعاً نيسان!

أنت لم ترحل عني وحدي، أنت رحلت عن هذه الدنيا، وأنا لم أودعك. يوم باغتك الموت لم أكن مستعدة بعد لأقول لك وداعاً، لم أصدق أنك ستذهب للأبد، أنكرت أمام الجميع موتك، صرخت بهم جميعاً "كفو عن الكذب، نيسان لم يمت، هو لا يعرف كيف يكون الموت!".
رفضت أن أعلن الحداد، لم أرتدي الأسود، لم أبكي، لم أحزن، ببساطة أرغمت الحياة على الاستمرار كما كانت. اختلقت كذبة الرحيل والسفر لأغطي بها غيابك أمام نفسي، أقنعت كل جوارحي أنك رحلت لسبب أجهله وأنك ستعود. ظللت أكتب لك عن كل شيء، أخبرتك بكل شيء، نقلت إليك حزني وألمي وشوقي، سعادتي وأملي وحلمي، أخبرتك بلحظاتي التعيسة، ودونت لك عن تلك اللحظات الجميلة التي لن تتكرر، كنت معي في كل شيء، غضبت منك وفرحت لأجلك حتى وأنت بعيد. 

أصبحت كالمجنونة يا نيسان، أبرر لأصدقائي غيابك الذي طال، اختلق الأعذار وأحيك  لنفسي أمل عودتك. في البداية واجهني من حولي، حاولوا اقناعي بـأنك متّ، أحدهم قال لي أنك الآن في السماء تراقبني، قابلتهم بعنف، لعنتهم، شتمتهم، وصرخت في وجوههم، لم أعد أقدر على رؤيتهم، عيونهم تخبرني بما لا أريد أن أعرفه، كنت قاسية معهم، ولكني قسوت على نفسي أكثر.

لم أقدر على تصور الحياة بدونك، ولكني الآن لا أستطيع الاستمرار وأنا أدعي وجودك. حتى وإن كانت مراسلتك هي متعتي الوحيدة مؤخرا، حتى وإن كان البوح لك هو ملجئي  في أكثر أوقاتي حزناً، أنت لست هنا! مهما حاولت أن أفعل فأنت لن تعود! لن أنجح في بث الروح بجسدك الذي سقط أمامي، روحك لازالت قربي وإليها اليوم أبعث حبي، وشوقي، وحزني وحزني وحزني..

لن أعد أحداً أني سأكون على ما يرام قريبا، كل شيء لن يكون بخير لفترة من الزمن، لن أكتب لك بعد اليوم فروحك تعلم عني كل شيء.

نيسان يا وجعي,, اغفر لي حماقاتي التي ارتكبتها لأجلك.