Wednesday, January 30, 2013

مش مؤامرة

صديقي العزيز نيسان،

عندما أذكر أمام أصدقائي أن لي صديقاً اسمه نيسان يضحكون، وقليل منهم يبتسم. أنا بخير، ولا جديد بشأني يستحق الذكر. أشتاق إليك كما في كل مرة، وعبثاً أحاول البوح بما يجول في خاطري لغيرك، وإن نجحت في مواصلة الكلام مع أحدهم، فأنا لا أنجح أبداً في الوصول إلى ذلك الرضى الذي يرافق البوح بما يثقل النفس.

أشعر بالعجز يا صديقي، وأشعر بأن كل شيء قد تآمر ضد كل شي، ها أنت تضحك الآن حتى وأنت تعرف جيداً أني لست من أصحاب نظرية المؤامرة!

البارحة كنت في مؤتمر شعبي لنصرة الأسرى في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ضم مجموعة كبيرة من الشخصيات الوطنية البائسة التي تعشق اعتلاء المنصات وإلقاء الخطب المملة التي تتشابه حد التطابق في كل مرة، وعدد هائل من عدسات المصورين، أظن أنهم إحتلوا نصف مساحة القاعة. ولكني لم أكتب لأحدثك عن هؤلاء، ففي القاعة المكتظة أيضاً جلست مجموعة من أمهات الأسرى وذويهم يحملون صور أبنائهم وحزنهم وصمتهم، ويبدو أن حديث "أهل الشأن" -الذين لا شأن لهم بقيضة الأسرى إلا الظهور أمام شاشات التلفاز للتباكي حول "خطورة الوضع"- يبدو أنه أرهق قلوب الأمهات المعلقة على مقربة من زنازين أولادهنّ، فقامت اثنتين منهنّ وقاطعنَّ أحد المتحدثين، والذي كان يتلو توصيات المؤتمر، وبدأنَّ بالصراخ والشتم و"البهدلة"، ولم يشأ صاحب التوصيات أن يصمت فظل يردد كلامه وبصوت أعلى، وأمسك المايكرفون في يده ضاغطاً علَّ الضغط عليه يخفي صوت النسوة التي بدأت تتعالى، لم تتركنَّ مسؤولاً ولا وزيراً إلا سببنه ودعينَّ عليه، وصرنَّ يجلنَّ في القاعة حاملات صور أبنائهن مواصلات الصراخ. 

وأنا يا صديقي أخذني الموقف، ولم أعد أفهم شيئاً مما يحدث، فخرجت من القاعة، ومشيت إلى الخارج ترافقني وقاحة صوت الرجل المرتبك ممزوجاً بصراخ النسوة وبلبلات الحضور.

أشعر بالعجز لإن لا شيء مما نفعله مجدي، ولأننا لا نقوم بشيء أصلاً، ففي الفترة الأخيرة يبدو أن موسم الإعتصامات التضامنية مع الأسرى مؤجل أو لم يحن بعد، لا أدري!


ملاحظة: سامر لا يزال صامداً ولا يأبه لتخاذلنا، "وصارله مضرب189 يوم".

صديقتك التي يزعجها أن لا تكتب إليك